Sunday, August 8, 2010

لا تشرعوا ولا تشرعنوا للفساد والإستبداد في البحرين


لا "تشرَعوا" ولا "تشرعنوا" للفساد والإستبداد

بقلم: الدكتور راشد الراشد
البحرين


يبدو المشهد السياسي كوميديا بإمتياز بالذات عندما يقرر البعض منا شرعنة الإنتخابات المسخ ويقوم بتعزيز ديمقراطية غير موجودة . لقد كانت آمالنا جميعا معلقة على جدية مشروع الخروج من عنق زجاجة الأوضاع الأمنية الخانقة التي عاشتها بلادنا خلال عقود مديدة ، والإنطلاق من ربقة السجون والتعذيب وصنوف الإنتهاكات إلى فسحة العيش المشترك على تراب هذا الوطن ، إلا أنه بعد مرور زهاء العقد من الزمن على هذه التجربة ، ولكن بلحاظ ما هو قائم على أرض الواقع فإن التجربة لم تورث لنا سوى المثالب والأوجاع وذلك بصورة غير مسبوقة في تاريخنا برمته .فقد أزدادت معدلات الفقر بدرجة قياسية بسبب استراتيجة السلطة في إقصاء "الشيعة" وهم المواطنون الأصليون على تراب هذا الوطن وتهميشهم وإذلالهم عبر مختلف الوسائل والأساليب .مع ملاحظة أن "السنة" الآن ليسوا بأحسن حال مما يعانية "الشيعة" بعد تنفيذ خطة الإحلال للمجنسين التي تضرر بها الوطن برمته بشكل عام ووقع الضرر فيها بصورة أكبر وأخص على "السنة" الذين كانوا في السابق يتمتعون بجميع الإمتيازات على حساب شركائهم في الوطن من "الشيعة" . وتجاوزت ممارسات السلطة حدود المعقول في استراتيجة احلال المواطنين بالمجنسين وتفضيلهم وتقديمهم في الوظائف والخدمات العامة التي تقدمها الدول لرعاياها وذلك على حساب المواطنين أصحاب الأرض والذين لم يعرفوا في تاريخهم وطننا غيره ، وتجاوزت الإنتهاكات السافرة للسلطة أبسط معايير حقوق الآدميين ، وأسقطت بممارساتها في كل الإتجاهات كل المعايير الوطنية والأخلاقية . فيما بدأ المجنسون يمارسون دور الوصاية والمراقبة و"التأديب" و "التعليم" لأبناء هذا الوطن .بينما أصبح "الفساد" بإمتياز سمة بارزة للسلطة .. ووصلت إلى حد اسقاطها لأية معايير آدمية وأخلاقية في الإستحواذ والإستئثار بمقدرات هذا البلد وخيراته وثرواته وهي تقوم جهارا بتوظيف السلطة وقوة نفوذها لا من أجل رعاية مصالح هذا الوطن وإنما جعل الدولة بأكملها مصدرا من مصادر الثراء والسيطرة والإستئثار المطلق بالحكم .وضاقت الجزيرة بما رحبت وأصبحت تأن تحت سطوة "المتنفذين" وجشعهم ، فإنهم لم يبقوا برا ولا بحرا . وأصبحت جزيرتنا الغنية بسواحلها أشبه بالأراضي القفار في وسط الصحراء فلا سواحل ولا أراضي تملكها الدولة . بينما أصبح التمييز الطائفي سمة وميزة فاضحة في التوظيف وسائر المميزات ، ولا أجد ما يسعفني في قواميس اللغة ما يصف حالة التمييز الحاصلة في العقد الأخير بين المجنسين من جهة والمواطنين الأصليين من "السنة" ، فهذا نوع جديد من التمييز ، يأتي هذه المرة ليس على الأساس الطائفي وإنما على أساس آخر ربما لايفقهه إلا الذين قاموا بالتخطيط والتنفيذ لهذه الإستراتيجية المدمرة للوطن . وأجزم بأنه أساس تدمير هذا الوطن والقضاء على أركان وجوده .وبينما تقوم السلطة بكل ذلك .. وتعمد إلى الإقصاء والتهميش .. أصيبت المعارضة بنكسة صحية أفقدتها توازنها ، وبدأت تتحدث عن الإنتخابات والمشاركة فيها وكأننا أمام ديمقراطية حقيقية وسلطة نزيهة . والحقيقة إن المشاركة في ظل أوضاع تتسم بما هو قائم على أرض الواقع وبما تصدقه الأرقام من فساد وتهميش وإقصاء ، بالإضافة إلى إحتكار السلطة بهذا الشكل المريع والذي لا يوجد له في العالم مثيل أو نظير والإستفراد المطلق بالحكم والإستئثار بموارد هذه الوطن والتحكم في البلاد والعباد بهذه الصورة المثيرة للإشمئزاز والغثيان ، هو خطأ وخطيئة .فليس من المنطقي أن نواصل دعم ومساندة مشروع يكرس حالة الطغيان والإستفراد بالسلطة ويعزز كوننا حفنة من العبيد أو قطيع من الخراف والأغنام ..كما ليس من المنطقي المشاركة في سلطة تقوم برصد الميزانيات الضخمة لتحطيمنا وتجلب لنا المرتزقة من أراذل الخلق لإذلالنا ثم نسعى بصورة فانتازية وكوميديانية لنصدق بأن هناك ديمقراطية ومشاركة ومواطنة .إن التهافت للمشاركة في الإنتخابات لدعم العملية السياسية وهي متنمرة في إقصائنا وتهميشنا وإذلالنا هو مشاركة في وزر ما يحدث . إن بيع الوهم على الناس من خلال جرعات تخدير متعاقبة يكسب أهل السلطة الوقت ليس إلا ، ويهديها كل الإمكانات لحرق ما تبقى من رماد هذا الوطن .ليس من المنطقي أن نواصل هذا التفكير والعبث بحاضر ومستقبل هذا الوطن بالمزيد من الهروب الى الأمام بدل إتخاذ موقف مسؤول يساعدنا على تقوية مواقفنا تجاه الإستحقاقات الوطنية . إن الخطر الحقيقي الذي يكمن وراء المشاركة في ظل الأوضاع الراهنة الحاكمة هو الشرعنة .. وبما يعني تمكين السلطة من الإستمرار في نهجها وتكريس الحالة الراهنة كديقراطية حقيقية بالأمر الواقع .كلنا يتطلع إلى المشاركة ولكن عندما تكون عنوانا لواقع قائم ، أما عندما يكون مجرد عنوان أو لون لتغطية الإستبداد والطغيان فإن المشاركة ستكون حوبا كبيرا . ولا سبيل هنا لإقناعنا بديمقراطية ليست موجودة .. وكفى بيعا للأوهام ...إننا كشعب لازلنا لم نفقد القدرة على وضع الخطط البديلة إزاء تعنت السلطة ولفرض إصلاحات وتغييرات حقيقية وليست ديكورية لتجميل وجه السلطة .وهنا نقول إن مجرد حسن النوايا لم تؤدي بهذا الوطن إلا إلى المزيد من التهميش والإقصاء والفساد .. وهذه حقيقة قائمة على أرض الواقع نلمسها جميعا . ولا داعي للمكابرة بشأن نقيضها . فالوطن يأن تحت وطأت فساد كبير وإحتكار مفرط للسلطة والجميع يعلم بأن "الوطن والمواطن" هو الغائب الأكبر من أجندة السلطة الحالية فغاية من هم في السلطة إمتيازات الحكم ليس إلا .ونضيف على ذلك بأن السلطة لا تعاملنا كمواطنين لنا حقوق المواطنة وإلا لما جلبت لنا المرتزقة من أراذل الخلق لتجعلهم علينا سادة وقادة ومعلمين . وأي ذل أكبر من هذا . وهل نكافئها على ذلك بالمشاركة وإعطاء شرعية لممارستها الظالمة في إقصائنا وتهميشنا وفوق ذلك إذلالنا .فلا تشرعوا ولا تشرعنوا إستمرار هذا العيب وإلا تحملتم وزر كل ما يجري ..وتذكروا قول الباري عزوجل: "ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار" الآية .وأخيرا سلام عليك سيدي ولك علينا حق الإعتذار فربما نسينا أو تناسينا أعظم وأنبل ما فيك ، فقد أشحنا بنظرنا عن نداءاتك للإنسانية والتاريخ وأنت تعلن عن موقفك بكل وضوح عندما طلب منك شرعنة نظام آل زياد : "والله لا أعطيكم بيدي أعطاء الذليل ولا أقر لكم إقرار العبيد " .ولك العذر سيدي مرة أخرى عندما حولنا كل تطلعاتك في عاشوراء إلى مجرد هتافات شكلية بعيدة عن الحياة لا طعم لها ولا لون .. فقد أردت أن تبعث فينا الحياة ولكننا أبينا إلا أننا نعيش الذل والضيم والهوان بينما نردد شعاراتك ليل نهار وأنت تعلمنا درسا كلفته كانت دماؤك الزكية الطاهرة ، وقد استرخصنا دمك عندما اكتفينا بالإحتفاء بك في المهرجانات .


No comments: